إيران تعيد رسم معادلة التعاون النووي: المجلس الأعلى للأمن القومي يتولى زمام الأمور

في تحول استراتيجي يعكس صلابة الموقف الإيراني تجاه التجاوزات الغربية والصهيونية، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بات من اختصاص المجلس الأعلى للأمن القومي حصراً، مؤكداً أن طهران لن تقبل بعد الآن بأي تدخل خارجي يمسّ أمنها القومي أو حقوقها السيادية في المجال النووي.
وفيما اشار الى ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تزال ملتزمة بإتفاقية الضمانات المبرمة بينها الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقال عراقجي: لم يتوقف تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكن نظرا للظروف الجديدة والتطورات الأخيرة، سيتخذ هذا التعاون شكلا جديدا؛ وهو أمر طبيعي ومتوقع تماما.
وتابع رئيس السلك الدبلوماسي الايراني قائلا : وفقا لقانون مجلس الشورى الإسلامي، من الآن فصاعدا، سيُدار ويُوجه جميع تعاون إيران مع الوكالة من خلال المجلس الأعلى للأمن القومي وحده، وسيُراجع هذا المجلس أيضا طلبات الوكالة لمواصلة المراقبة في إيران، وسيبت فيها كل حالة على حدة. وسيتم إجراء هذه المراجعات مع مراعاة كاملة لاعتبارات السلامة والأمن.
الوكالة الدولية مهدت الطريق للهجمات العسكرية
وتابع : هناك حقيقة، وهي أن المنشآت النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية تعرضت لهجوم عسكري والتواجد والأنشطة بالقرب من هذه المراكز باتت الآن مرتبطة بمخاطر جسيمة .
واعرب عن استيائه حيال اداء الوكالة الدولية وقال : لسنا راضين عن أداء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لقد أصبح التقرير الذي أعدته هذه الوكالة أساسا لإصدار قرار سياسي بحت في مجلس المحافظين؛ وأصبح القرار والتقرير المذكوران ذريعة لشن هجمات عسكرية على المنشآت النووية الإيرانية.
ولفت الى أن ايران ولأكثر من عشرين عامًا، تسعى جاهدة لإثبات الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي للدول التي تُعرب عن قلقها واضاف: خلال هذه الفترة، استخدمنا جميع السبل والأدوات لإثبات أن البرنامج النووي الإيراني، وفقا لفتوى قائد الثورة الاسلامية، سلمي بحت وسيبقى كذلك.
وأوضح قائلا: لا نعتبر الأسلحة النووية غير إنسانية فحسب، بل مخالفة للتعاليم الإسلامية، وقد تم ايضاح هذا الموقف بشكل صريح في فتوى قائد الثورة الاسلامية .
واضاف: لو كانت لدينا أي نية للتحرك نحو الأسلحة النووية لكنا فعلنا ذلك من قبل، أو ربما كان لدينا أفضل ذريعة الآن.
أمريكا خانت الدبلوماسية
وعن المفاوضت مع امريكا بشأن الملف النووي الايراني قال عراقجي : لطالما أعلنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية استعدادها للمحادثات بشأن البرنامج النووي، وستكون مستعدة للتفاوض مستقبلاً. ومع ذلك، من الطبيعي، قبل بدء أي مفاوضات جديدة، يجب التأكد من أن عملية التفاوض لن تؤدي إلى توتر أو صراع مجددا.
واضاف : يعلم الجميع أنه بينما كانت إيران على طريق المفاوضات، هاجمها الكيان الصهيوني بالتنسيق مع الولايات المتحدة. برأينا، هذا التنسيق حاسم، وكان دور الولايات المتحدة في هذه الهجمات واضحا منذ البداية. بعد ذلك، تدخلت نفسها بشكل مباشر.
وتابع وزير الخارجية الايراني قائلا: في الواقع، بمشاركتها في هذه الهجمات، خانت الولايات المتحدة طاولة المفاوضات ومبدأ الدبلوماسية. ولذلك، إذا أرادت امريكا والدول الأخرى استئناف المفاوضات، فعليها أولاً ضمان أن هذه العملية لن تؤدي إلى أعمال عدائية مرة أخرى.
إيران لازالت متمسكة بالحل الدبلوماسي
وفي جانب اخر من تصريحاته اشار عراقجي الى انه لضمان سلمية البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، لا تزال هناك إمكانية للتوصل إلى حلول تفاوضية؛ كما أُتيحت هذه الإمكانية في الماضي وتحققت مرة واحدة وقال : في عام 2015، تم التوصل إلى اتفاق بين إيران ودول مجموعة 5+1، التي تضم الولايات المتحدة، وثلاث دول أوروبية (بريطانيا، فرنسا، وألمانيا)، وروسيا، والصين. وبناء على ذلك الاتفاق، اقتنعت الأطراف المتفاوضة بأن البرنامج النووي الإيراني سلمي وسيبقى كذلك، وكان هذا الإنجاز ثمرة الدبلوماسية.
واضاف: إلا أن الولايات المتحدة تخلت عن الدبلوماسية بانسحابها الأحادي من هذا الاتفاق، ونتيجة هذا الإجراء ما نشهده اليوم؛ انعدام الثقة، وتصاعد التوترات، وإضعاف مسارات الحوار.
واكد بالقول: تظل إيران مستعدة لاستخدام الدبلوماسية لتوفير الضمانات اللازمة فيما يتصل بالطبيعة السلمية لبرنامجها النووي، ولكن قبل ذلك يتعين على الأطراف المعارضة أن تتأكد من أنها تريد الدبلوماسية حقا وأنها لا تستخدمها كغطاء لأهداف أخرى.
التخصيب والقدرات الدفاعية والعسكرية لن تكون محل تفاوض أبدا
ورأى وزير الخارجية الإيراني أنه في أي حل تفاوضي، يجب احترام حقوق الشعب الإيراني في المجال النووي، وخاصة حق التخصيب وشدد بالقول: لن يُقبل أي اتفاق دون الاعتراف بحق إيران في التخصيب، التخصيب إنجاز علمي عظيم وقيّم، وهو ثمرة جهود وتضحيات العلماء الإيرانيين، وستدافع عنه إيران بكل قوة.
وتابع: لقد بُذلت جهود حثيثة للحفاظ على هذا الإنجاز، وحتى في الآونة الأخيرة، فُرضت حرب على إيران دفاعا عنه.
وقال عراقجي : إذا عُقدت مفاوضات في المستقبل، فإن القضية الوحيدة ستكون البرنامج النووي وضمان سلميته في ظل رفع الحظر. ولن تُدرج أي قضايا أخرى، وخاصة القضايا الدفاعية والعسكرية، على جدول أعمال المفاوضات.
واضاف: ستحافظ إيران على قدراتها العسكرية والدفاعية مهما كانت الظروف. هذه القدرات مخصصة للدفاع عن الشعب الإيراني، وقد أثبتت فعاليتها وقوتها في الحرب الأخيرة. هذه القدرات لن تكون موضع تفاوض أبدا.
أشكر الدول التي أدانت العدوان السافر على إيران
وفي مستهل كلامه أعرب وزير الخارجية عن شكره لجميع الدول التي أدانت العدوان السافر على ايران، وخاصةً الهجوم على المنشآت النووية.
كما شكر الدول التي أعربت عن تضامنها مع الشعب الإيراني معربا عن أسفه من أن بعض الدول لم تُبدِ استعدادا لإدانة هذا العدوان السافر، ولم تستنكر هذا الانتهاك الواضح للقانون الدولي.
البرنامج النووي الإيراني لن يُدمر بالقصف والهجوم العسكري
ولفت عراقجي الى ان البرنامج النووي الإيراني لن يُدمر بالقصف والهجوم العسكري وقال : هذا البرنامج هو تقنية وعلم حققتهما إيران، ولا يمكن تدمير العلم والتكنولوجيا بالقصف والهجوم العسكري.
لسنا في عجلة من أمرنا للدخول في مفاوضات غير مدروسة
وفيما يتعلق بموعد المفاوضات، وما إذا كانت ستُعقد في المستقبل القريب أم البعيد، قال وزير الخارجية: ندرس زمانها ومكانها وشكلها والترتيبات والضمانات اللازمة لها. لسنا في عجلة من أمرنا للدخول في مفاوضات غير مدروسة، وبالطبع لن نفوت أي فرصة لضمان أهداف الشعب الإيراني ومصالحه. نحن ندرس الوضع بعناية وندرس جميع الجوانب، وفي أي وقت ومكان عندما تُؤمَّن مصالح الشعب الإيراني، سنفعل ما يتعين علينا فعله في ذلك الوقت".
واضاف: أبواب الدبلوماسية لا تُغلق أبدا. في أي ظرف، هناك إمكانية لتطبيق الدبلوماسية وتحقيق الأهداف من خلالها. بالطبع، نفعل ذلك بتركيز وثقة كاملين. لقد خضنا حربا بطولية بمقاومة ممتازة، ولا شك أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية والشعب الإيراني انتصرا في هذه الحرب. من الطبيعي أن من ينتصر ويرفع رايته عاليا لا يخاف من التفاوض، وأفضل وقت للتفاوض هو عندما تتغلب بنجاح على هجوم عسكري.
نحو 120 دولة أدانت الصهيوامريكي على إيران
واشار وزير الخارجية الى ان حوالى 120 دولة أدانت العدوان الصهيوامريكي على ايران في حين لم يُبدِ مجلس المحافظين استعدادا لإدانة هذه الاعتداءات وقال : في هذه الهجمات، تضررت المنشآت النووية الإيرانية، لكنّها ألحقت ضررا أكبر بمعاهدة حظر الإنتشار النووي والقانون الدولي.
تفعيل "آلية الزناد" يعني نهاية دور أوروبا في الملف الايراني
وعن التلويح بتفعيل آلية الزناد قال وزير الخارجية الايراني، ان تفعيل آلية الزناد يعني نهاية دور اوروبا في الملف الايراني مشددا بالقول: الخطأ الكبير للدول الأوروبية الثلاث هو اعتقادها أنها تستطيع الضغط على إيران من خلال التلويح بتفعيل آلية الزناد.