مخاوف زيلينسكي وأوروبا من اتفاق سري بين موسكو وواشنطن

مخاوف زيلينسكي وأوروبا من اتفاق سري بين موسكو وواشنطن
معرف الأخبار : 1672404

في ظل التوترات المتصاعدة حول النزاع الأوكراني، تتزايد المخاوف الأوروبية وزيلينسكي من احتمال وجود اتفاق سري بين موسكو وواشنطن قد يُعيد رسم خريطة السيطرة على الأراضي المحتلة، مما يهدد وحدة أوكرانيا ويضع مستقبلها السياسي على المحك، في وقت تتزايد فيه التحركات الدبلوماسية غير المسبوقة بين روسيا والولايات المتحدة.

أشار نعمت الله إيزدي، السفير الإيراني السابق لدى روسيا، في مقال له نشرته وكالة "إيلنا"، إلى تحليله لمضمون اللقاء المرتقب بين رؤساء الجمهورية للولايات المتحدة وروسيا في ألاسكا، والذي سيركز بشكل رئيسي على قضية أوكرانيا، وجاء في المذكرة ما يلي:

فيما يتعلق باللقاء القادم بين ترامب وبوتين، يجدر القول إن زيلينسكي والاتحاد الأوروبي ظلّا يعربان عن قلقهما المستمر من احتمال توصل الولايات المتحدة وروسيا إلى اتفاق يتعارض مع رؤيتهما للحرب في أوكرانيا. فمن وجهة نظر كييف وبروكسل، تمثل هذه الحرب اعتداءً صارخًا من روسيا على الأراضي الأوكرانية، حيث تحتل موسكو أجزاءً من البلاد، ويجب معاقبتها وإعادة الأراضي المحتلة. ومع ذلك، تحمل التطورات الأخيرة مؤشرات تُعمّق هذه المخاوف.

يرى بعض المراقبين الدوليين أن فلاديمير بوتين ودونالد ترامب قد يتفقان على تسوية مستقبل المناطق التي تحتلها روسيا في أوكرانيا. وقد تعززت هذه الفرضية عقب توقيع اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان برعاية أمريكية، وهو اتفاق لم يكن مرغوبًا فيه كثيرًا من قبل روسيا واعتُبر ضغطًا عليها. هذا الأمر أثار في أذهان البعض احتمال تقديم واشنطن تنازلات لموسكو مقابل هذا الاتفاق. وإذا تحقق هذا السيناريو، فإن أوروبا وكييف ستواجهان خطرًا جديًا يتمثل في طرح مصير أجزاء من أوكرانيا المحتلة على طاولة المفاوضات.

تنبع المعارضة العلنية من زيلينسكي والاتحاد الأوروبي أيضًا من هذا السياق. فعلى الرغم من عدم الإعلان عن أي اتفاق رسمي حتى الآن، إلا أن التغير المفاجئ في لهجة بوتين وموافقته على لقاءات دبلوماسية غير متوقعة، قد عزز التكهنات بوجود اتفاق سري. ووفقًا لبعض المحللين، إذا دخل بوتين هذه المفاوضات بهدف تحقيق مكاسب إقليمية، فإن أي تراجع منه قد يدل على استعداده للتنازل. والتجارب السابقة أثبتت أن مقاومة أوكرانيا وأوروبا لأي اتفاق نهائي ستكون صعبة للغاية.

أحد السيناريوهات المطروحة هو أن يلتزم بوتين بأربع مناطق يطالب بها فقط، متخليًا عن باقي مطالبه. هذا التحليل، وإن كان افتراضيًا، إلا أنه زاد من المخاوف الأمنية في أوروبا؛ إذ يرى الاتحاد الأوروبي أن التنازل عن الدفاع عن وحدة الأراضي الأوكرانية يشكل نموذجًا خطيرًا قد يشجع روسيا على اتباع نهج مماثل ضد دول أخرى مستقبلاً، كما حدث في جورجيا سابقًا. أما الاتحاد الأوروبي، فلديه أدوات محدودة لمواجهة مثل هذا الاتفاق، فمن الناحية العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية، قدرات الاتحاد في مواجهة اتفاق مباشر بين واشنطن وموسكو ضعيفة جدًا. وكان ترامب قد أظهر سابقًا في قمة الناتو تغييرات في حصص الدول الأعضاء المالية، مما أظهر أن قيادة الناتو بيد واشنطن، واضطر الأوروبيون إلى قبول هذا الواقع.

في حال حدوث اتفاق بين روسيا وأمريكا، قد يفقد الاتحاد الأوروبي قدرته على الردع. وحتى إذا تمكنت بعض الدول الأوروبية من التوصل إلى تفاهمات منفصلة مع واشنطن، فإن الخاسر الأكبر سيكون أوكرانيا، التي قد تفقد أجزاءً من أراضيها إلى الأبد، ويتضرر موقفها على الساحة السياسية الدولية. والمثال الواضح على ذلك هو شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا منذ سنوات، والتي لا يزال مصيرها غير محسوم. وإذا تم ترسيم تغييرات إقليمية أخرى في الاتفاق الجديد، فإن أوروبا كحامية رئيسة لأوكرانيا ستكون من الخاسرين أيضًا. ومع ذلك، فإن قدرة الاتحاد الأوروبي على منع هذا المسار محدودة للغاية، والقرار النهائي سيكون بيد واشنطن وموسكو بالدرجة الأولى.

 

endNewsMessage1
تعليقات