الملف النووي الإيراني: التباينات الكبرى بين طهران وواشنطن لا تزال قائمة

رغم جولة خامسة من المحادثات في روما بوساطة سلطنة عُمان، لم تُسفر المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة عن اختراق يُذكر، وسط استمرار الخلافات العميقة حول مستويات تخصيب اليورانيوم، آلية رفع العقوبات، وتوسيع أجندة التفاوض، في ظل تمسّك طهران بخطوطها الحمراء ورفضها لأي مطالب خارجة عن إطار الاتفاق النووي.
شاركت إيران والولايات المتحدة، الجمعة، في جولة جديدة من المفاوضات في روما، هي الخامسة في سلسلة مشاورات غير مباشرة تقودها وساطة سلطنة عُمان بهدف تقريب وجهات النظر حول البرنامج النووي الإيراني.
وغادر الوفدان العاصمة الإيطالية دون تسجيل تقدّم ملموس، إلا أن مصادر قريبة من أجواء المباحثات أكدت استمرار الالتزام بالحوار وتبادل الرؤى، رغم تباين المواقف حول بعض القضايا الجوهرية.
التخصيب... حق سيادي وخط أحمر
تبقى قضية تخصيب اليورانيوم في صدارة الملفات الخلافية، حيث تؤكد الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن برنامجها النووي محض سلمي وتحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن مستوى التخصيب الراهن يأتي في إطار احتياجاتها الصناعية والبحثية المشروعة.
وفي المقابل، تصرّ بعض الأطراف الغربية، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة، على فرض قيود إضافية تتجاوز ما نصّ عليه الاتفاق النووي لعام 2015، الذي انسحبت منه واشنطن من جانب واحد عام 2018، ما تسبب بتقويض الثقة وتجميد تنفيذ الالتزامات المتبادلة.
وفي هذا السياق، وصف الموفد الأميركي ستيف ويتكوف التخصيب الإيراني بأنه "غير مقبول"، وهو ما رفضته طهران بشكل قاطع، مؤكدة أن هذه المسألة تمثّل "خطاً أحمر" لا يمكن تجاوزه. وقال الباحث الإيراني سينا توسي إن المفاوضات الأخيرة أظهرت استمرار "صراع الخطوط الحمراء" بين الجانبين.
إيران: لا تفاوض على الحقوق السيادية
شددت طهران على ضرورة اقتصار المباحثات على الملف النووي ورفع العقوبات غير القانونية، معتبرة أن أي توسيع لأجندة الحوار ليشمل قضايا غير ذات صلة يعدّ انحرافاً عن مسار التفاهم.
وتأتي هذه التصريحات في ظل دعوات متكررة من بعض الأطراف، خصوصاً الكيان الصهيوني، إلى فرض قيود على برنامج إيران الصاروخي ودورها الإقليمي، وهو ما تعتبره طهران محاولة لتشتيت المفاوضات عن جوهرها.
العقوبات الأحادية تهدد مسار الحوار
انتقدت إيران مواصلة واشنطن فرض عقوبات جديدة تزامناً مع المباحثات، واعتبرتها دليلاً على غياب الجدية من الجانب الأميركي.
وفي خطوة وُصفت بأنها غير بنّاءة، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية مؤخراً عن إجراءات استهدفت قطاع البناء وبعض المواد ذات الاستخدام الصناعي، بزعم ارتباطها بالأنشطة النووية. كما طالت العقوبات قطاعي النفط والغاز، رغم الحاجة إلى بناء الثقة المتبادلة لاستمرار الحوار.
إيران تحذر من أي مغامرة عسكرية
في سياق متصل، حذّر رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري من أي اعتداء على السيادة الإيرانية، مؤكداً أن أي تحرك عدائي سيقابل برد حازم يشبه مصير التدخلات الأميركية الفاشلة في فيتنام وأفغانستان.
وقد نقلت وسائل إعلام غربية تقارير عن وجود تنسيق أميركي-صهيوني سابق للمفاوضات، وهو ما تراه طهران جزءاً من محاولات الضغط السياسي والإعلامي، التي لن تؤثر على إرادتها الوطنية.
خاتمة:
تؤكد الجمهورية الإسلامية الإيرانية التزامها الثابت بالحوار والدبلوماسية، في إطار احترام متبادل وضمان حقوقها الكاملة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وترى أن أي اتفاق مستقبلي لا بد أن يقوم على قاعدة العدالة ورفع كافة أشكال الضغوط غير القانونية.