في كلمة له امام المؤتمر الـ30 للدول الاعضاء في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية؛ عراقجي: الكيان الصهيوني العقبة الوحيدة أمام تحقيق منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل

في كلمة له امام المؤتمر الـ30 للدول الاعضاء في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية؛
عراقجي: الكيان الصهيوني العقبة الوحيدة أمام تحقيق منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل
معرف الأخبار : 1719141

أكد وزير الخارجية الايراني سيد عباس عراقجي، على انه "يجب أن تواصل اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية مهامها بعيدا عن أي تدخل أو تسييس أو ضغوط، ولا يزال الكيان الصهيوني العقبة الوحيدة أمام تحقيق منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في غرب آسيا".

وخلال كلمة له امام الاجتماع الـ30 للدول الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، طرح عراقجي، وجهة نظر الجمهورية الإسلامية الإيرانية بصفتها واحدة من ضحايا هذه الأسلحة.  

وجاء نص كلمة وزير الخارجية ، كالاتي :-

تُعد اتفاقية الأسلحة الكيميائية إنجازا بارزا من إنجازات الحكمة الجماعية والضمير الإنساني، وقد وُضعت بهدف تفادِي تكرار كارثة استخدام الأسلحة الكيميائية.

نحن الإيرانيون نشعر بألم عميق ومعاناة بالغة من جراء الهجمات الكيميائية لنظام "صدام" البائد خلال سنوات الحرب المفروضة (1980-1988) ضد جنودنا ومواطنينا العزّل. وبعد مرور أربعة عقود، ما زالت جراحنا تنزف، ويمكن رؤية الآثار المروعة لهذه الأسلحة بوضوح على ملامح ضحايا الاسلحة الكيميائية وأسرهم، الذين لا يزالون يعانون من الآلام الشديدة الناجمة عن الإصابات الكيميائية.

يرافقني في هذا المكان السيد "كمال حسين بور"، نائب البرلمان الايراني المحترم عن اهالي مدينة "سردشت" في أذربايجان الغربية (شمال غرب ايران)؛ إن اسم "سردشت" بالنسبة لنا وللعالم أجمع رمز بارز في الكفاح العالمي من أجل حظر الأسلحة الكيميائية والمطالبة بالعدالة لضحاياها.

ان اهالي "سردشت" من بين آلاف المدنيين والمقاتلين الإيرانيين الذين استُهدفوا خلال "الحرب المفروضة" التي دامت ثماني سنوات بواسطة الهجمات الكيميائية على يد نظام صدام البائد ضد إيران. نحن نقدّر ونحيّي ذكرى أبطال اهالي سردشت الذين ارتقوا شهداء في ذلك الهجوم الوحشي، وايضا الضحايا الذين ما زالوا يعانون من آثار تلك الجريمة، وأسرهم.

يجب أن يسود الحق، وأن تتحقق العدالة، فالجرائم الدولية الوحشية لا تسقط بالتقادم ابدا، وان استخدام الأسلحة الكيميائية في النزاعات المسلحة جريمة حرب فظيعة لا تُغفر مع مرور الزمن؛ ومن هذا المنطلق، تؤكد الجمهورية الإسلامية الإيرانية باستمرار على ضرورة المساءلة وتحقيق العدالة بشأن استخدام نظام "صدام" للأسلحة الكيميائية ضد الشعب الإيراني.

يجب أن يُحاسب أولئك الذين قدموا الاعتدة والتكنولوجيا الاساسية لدعم برنامج الأسلحة الكيميائية للنظام العراقي السابق. ونطالب دولا من بينها ألمانيا بالرد على مطلبنا بإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة حول الشركات والمواطنين التابعين لها، الذين ساهموا في توفير وتطوير واستخدام برنامج الأسلحة الكيميائية للنظام العراقي السابق.

جميعنا يرى بوضوح كيف تواجه العلاقات الدولية اليوم أزمات غير مسبوقة نتيجة هيمنة " الأحادية العدوانية"، التي يتقدم تحت غطاء "النظام القائم على القواعد"؛ إن هيئة الأمم المتحدة وأهدافها ومبادئها الأساسية باتت هدفا للهجوم. وان المادة 2 من الفقرة 4 لميثاق الأمم المتحدة، والتي تُعد الضمانة الأقوى لـ"إنقاذ الأجيال القادمة من ويلات الحرب"، تُنتهَك باستمرار، بل والأسوأ من ذلك، أن هذه الانتهاكات أصبحت اميرا طبيعيا. وما يجري في منطقتنا (غرب آسيا )—الحروب المستمرة، والاعتداءات، والإبادة الجماعية، والتوسع الاستعماري من قبل الكيان الصهيوني—هو انعكاس مباشر لدعم الولايات المتحدة الأمريكية وتسامح بعض الدول الأوروبية.

وقد ظهر تجاهل الولايات المتحدة الأمريكية للقانون الدولي في سعيها الصريح لإرساء "نظام دولي قائم على القوة"، نظام يُبرر فيه استخدام القوة العسكرية الصريحة لخدمة المصالح غير المشروعة وتعزيزها. وان النظام القائم على القواعد المزعزمة، ينتهك المبادئ الراسخة والمستقرة التي طالما حرّمت استخدام الأسلحة المحظورة، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية. ولا عجب أن الكيان الصهيوني يستخدم طيفا واسعا من الأسلحة المحظورة في اعتداءاته على غزة ولبنان، بما في ذلك الذخائر العنقودية.

ليس هناك منطقة في العالم عانت من جراء الممارسات الخارجة عن القانون كما عانت منطقتنا؛ الحروب الصهيونية–الأمريكية اغرقت المنطقة في دوامة لا نهاية لها من انعدام الأمن والعنف المروع. وفي غضون العامين الماضيين، جرت إبادة جماعية واضحة في فلسطين المحتلة، بحصانة كاملة للكيان الصهيوني الذي اعتدى عسكريا على سبع دول، واحتل أراضي فلسطين وسورية ولبنان.

إن الهجوم العسكري غير القانوني للكيان الصهيوني على إيران في حزيران/يونيو الماضي، والتدخل العسكري المباشر للولايات المتحدة الأمريكية إثر ذلك، كشف بوضوح كيف سيطرت العسكرة وسياسات البلطجة على مبدأ "سيادة القانون".

الاعتداء العدواني للكيان الصهيوني على إيران في حزيران/يونيو الماضي، لم يشكل فقط انتهاكا صارخا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، بل كان أيضا ضربة قاصمة لنظام عدم الانتشار النووي (NPT) ولأسس اتفاقية الأسلحة الكيميائية.

ولم يستهدف هذا الكيان المنشآت النووية الإيرانية التي تخضع للرقابة، فحسب، وانما طال المراكز والمنشآت التي كانت تحت رقابة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية؛ مما تسبب في خطر حقيقي لتسرب مواد كيميائية وإشعاعية كان يمكن أن يهدد صحة الإنسان والبيئة، بما يمتد إلى ما وراء الحدود الإيرانية.

إن اعتراف الرئيس الأمريكي رسميا في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 بدوره المباشر في العدوان العسكري للكيان الصهيوني على إيران، شكّل وثيقة دامغة على اقرار الولايات المتحدة بالمسؤولية عن هذا الإجراء غير القانوني والخرق الفاضح للمادة 2، الفقرة 4 من ميثاق الأمم المتحدة؛ وهذا التواطؤ لا يقتصر فقط على مسؤولية أمريكا المباشرة عن الهجوم المباشر على المنشآت النووية الإيرانية في 23 حزيران/ يونيو 2025.

ولضمان فعالية المنظمة، يجب احترام المبادئ الأساسية المتمثلة في المساواة والحياد وعدم التمييز.

كما يجب أن نتذكر بأن اتفاقية الأسلحة الكيميائية وُضعت لتحقيق هدف واضح، وهو التدمير الكامل لأسلحة الدمار الشامل ومنع إنتاجها. هذه الاتفاقية لم تُصمم أبدا لخدمة المصالح السياسية في أي بلد.

إن مصداقية المنظمة لن تصان إلا إذا التزمت بمهامها المهنية وغير السياسية، وابتعَدت عن الاعتبارات الجيو-سياسية؛ لذلك يجب أن تتمكن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من أداء مهامها الفنية دون أي ضغط أو تدخل غير مشروع.

إن الكيان الصهيوني لم ينضم إلى أي من معاهدات نزع السلاح الدولية، بما فيها اتفاقية الأسلحة الكيميائية، ولا يزال يشكل أكبر عقبة أمام إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في غرب اسيا.

تظل أسلحة الدمار الشامل خطيرة وغير إنسانية، بل وتشكل تهديدا وجوديا للحضارة البشرية وكوكبنا ككل حين تقع في أيدي مجرمين اقدموا بكل صلافة خلال العامين الماضيين على ارتكاب المجازر والإبادة الجماعية؛ وبما يستدعي إرغام الكيان الصهيوني على الانضمام إلى هذه الاتفاقية، واخضاعه لنظام التفتيش الكامل، وإن هذا الأمر يجب أن يكون من أولويات المنظمة.

تُعد اتفاقية الأسلحة الكيميائية أنجح معاهدة لنزع السلاح في العالم. ومع ذلك، فلن تدوم هذه الانجازات إلا إذا التزمت جميع الدول دون استثناء أو معايير مزدوجة بأحكام الاتفاقية، لأن التطبيق الانتقائي أو التفسيرات المسيّسة لأحكام الاتفاقية يُضعف أهدافنا المشتركة ويدمّر الثقة الجماعية بين الدول الأطراف.

بناء على ذلك، يجب وضع حدّ لحالات عدم الامتثال أو التأخير من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى؛ هذه الحالات قد تضمنتها تقارير رسمية للمنظمة، وتصريحات مسؤولين سابقين لتلك الدول، ونوقشت فعلا في اجتماعات سابقة. وعليه فإننا نؤكد على أن الشفافية الكاملة والتعاون البناء مع آليات التحقق أمر ضروري للحفاظ على مصداقية هذه الاتفاقية.

وفي السياق ذاته، أعربت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن مخاوفها في مناسبات عديدة ومن خلال القنوات الرسمية إزاء فشل الولايات المتحدة في الوفاء بتعهداتها المنصوصة في هذه الاتفاقية أو تأخيرها في التنفيذ. فالولايات المتحدة ماضية في تطوير الأسلحة الكيميائية، ووفقاً لمصادرها الرسمية، فإنها تنفذ مشاريع لتحويل المواد المؤثرة على العقل والعوامل القائمة على المخدرات الاصطناعية إلى أسلحة.

وحين لا تزال امريكا التي تمتلك أكبر مخزون معلن من الأسلحة الكيميائية، متنصلة على مدى سنوات عن برنامج تدمير هذه الاسلحةـ كما أنها لا تقدّم معلومات كافية حول بعض أنشطتها الكيميائية، بل وتظهر في الوقت نفسه كمُدع ضد دول أخرى، فان هذا السلوك لا يتعارض فقط مع روح الاتفاقية، بل ويُضعف أيضا ثقة المجتمع الدولي بالمنظمة ويقوضها.

تعد الإجراءات القسرية الأحادية وغير القانونية مثل العقوبات، انتهاكا صارخا للقانون الدولي. وعلى الرغم من مرور 28 عاما على دخول الاتفاقية حيّز التنفيذ والتزام الدول الأطراف بتسهيل نقل المواد والمعدات الكيميائية للأغراض السلمية، لا تزال القيود غير القانونية الناتجة عن العقوبات الأمريكية الأحادية، والتي تُطبّقها دول أوروبية، مستمرة.

كما أن هذه العقوبات تعوق حتى حصول ضحايا الأسلحة الكيميائية في إيران على الأدوية والمعدات الطبية الضرورية.

ومن هذا المنطلق، فإن جميع الدول ملزمة قانونيا وأخلاقيا بعدم عرقلة توفير الأدوية والمعدات الطبية اللازمة لعلاج ضحايا الأسلحة الكيميائية، وبخاصة تلك الدول التي كانت شركاتها ومسؤولوها متورطين في البرنامج الكيميائي لنظام "صدام".

وفي الختام، أود أن أعرب عن خالص امتناني لمجموعة آسيا والمحيط الهادئ على ثقتها بالجمهورية الإسلامية الإيرانية ودعمها لانتخاب بلادي عضوا في المجلس التنفيذي للفترة 2026–2028، وهو ما تم تأكيده رسميا من قبل المؤتمر؛ كما ويؤكد وفد الجمهورية الإسلامية الإيرانية لكم ولجميع الوفود الأخرى، أنه سيبذل أقصى درجات التعاون والدعم في تنفيذ مسؤولياتكم.

 

endNewsMessage1
تعليقات