لاریجاني في موسكو: هل تبدأ الوساطة الروسیة بين طهران وواشنطن أم مجرد تحركات سیاسیة؟
في ظل توترات متصاعدة بين إيران والولايات المتحدة، يصل أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى موسكو في زيارة تحمل الكثير من الدلالات السياسية. وسط ترقب دولي واسع، يتساءل المراقبون: هل ستكون هذه الزيارة بداية لوساطة روسية حقيقية بين طهران وواشنطن، أم أنها مجرد خطوة دبلوماسية ضمن لعبة المصالح المعقدة؟
أكد أبو القاسم دلفي، الدبلوماسي الإيراني المتقاعد والسفير السابق لإيران في فرنسا، في تصريح لوكالة "إيلنا" أن زيارة علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلى روسيا تأتي في ظل تصاعد التوترات الغربية على إيران، وتزامنها مع الاتصال الهاتفي بين بوتين وترامب يثير تساؤلات حول الأهداف المحتملة للزيارة والوساطة الروسية. وأوضح دلفي أن مضمون الزيارة لم يتضح بعد، ويُقال إن لاريجاني نقل رسالة من القيادة إلى بوتين، لكن ما إذا كانت روسيا ستتخذ أي خطوة تجاه إيران أو أمريكا بناءً على ذلك، يبقى غير واضح.
وأشار دلفي إلى أن الخلافات بين روسيا وأمريكا كبيرة، خصوصًا فيما يتعلق بأوكرانيا، حيث رغم اللقاء التاريخي بين بوتين وترامب في ألاسكا، لم تُحل القضايا العالقة، ولا تزال الحرب مستمرة. ولفت إلى أن ترامب يفضل حل القضايا مع إيران مباشرة، دون وساطة من الأوروبيين أو الروس، معتبرًا أن الوسيط يجب أن يكون مقبولًا للطرفين ليتمكن من فرض أي حلول، وهو أمر غير مرجح مع ترامب في العلاقة مع إيران.
وقال دلفي إن الروس دائمًا يلعبون بورقة إيران والمزايا التي حصلت عليها في المفاوضات، مستفيدين من توتر العلاقات مع الغرب لتعزيز نفوذهم. وأضاف أن الصين وروسيا لا ترحبان بتحسن العلاقات بين إيران والغرب، لأن ذلك يقلل من أهمية علاقاتهم مع إيران ويضعف موقعهم الاستراتيجي. كلما كانت العلاقات مع الغرب أكثر توترًا، كلما استقبل الروس والصينيون ذلك بارتياح.
وتناول دلفي قضية الطائرات المسيرة "شاهد" وظهورها في بريطانيا، مؤكدًا أن روسيا لم تتخذ أي خطوة لتخفيف الضغوط الغربية على إيران في هذا الملف، رغم النفي الإيراني لتعاون عسكري محدد. واعتبر أن هذه الورقة تُستخدم كورقة تفاوض لدى الغرب، وأن مناورات روسيا والصين ترتبط بالمصالح الاستراتيجية الخاصة بهما وليس بالدفاع عن إيران.
وأشار دلفي إلى أن زيارة لاريجاني تأتي نتيجة حتمية للضغوط الغربية المتزايدة، وأن الخطوة الأولى هي اللجوء إلى روسيا لطلب الدعم، وربما تتجه إيران لاحقًا إلى الصين، رغم أن دعم هذين البلدين لم يكن كافيًا في قضايا السياسة الخارجية. وأكد أن هذين البلدين يفضلان استمرار التوترات مع الغرب بدلًا من الانفتاح، لأن تحسين العلاقات مع الغرب يتناقض مع مصالحهما.
وختم دلفي مؤكدًا أن موضوع الوساطة الروسية بين إيران وأمريكا غير مقبول من قبل واشنطن ولن يكون في صالح إيران، لأن الروس يستغلون ورقة إيران للحصول على تنازلات من الأمريكيين، وفي النهاية سيخرج الطرف الإيراني خاسرًا إذا شجع هذه الوساطة.