عراقجي: لم تعد هناك أرضية لإجراء مفاوضات مع الترويكا الأوروبية/ إيران لن تنضم إلى "اتفاقات أبراهام"
ففي تعلیق علی حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن احتمال انضمام إيران إلى "اتفاقات أبراهام"، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن "ترامب غالبًا ما يطرح المواضيع التي تهمه بأساليب متعددة".
وتطرق عراقجي فی مقابلة متلفزة مساء السبت حول تطورات غزة، ومسار وقف إطلاق النار فی المنطقة، وآخر التفاصیل حول حوار إیران مع امریکا وثلاث دول أوروبیة، وأکد فیها أن إیران تدعم أی خطة سلام حقیقیة تؤدی إلى وقف الجرائم والإبادة الجماعیة ضد شعب غزة.
وحذر من أن التجربة أثبتت أن الکیان الصهیونی لم یلتزم أبداً بالاتفاقیات ووقف إطلاق النار، وأن إیران حذرت من تکرار خیانات الماضی. وطالب عراقجی بمراقبة جادة لتنفیذ أی اتفاق لمنع انتهاکه.
واشار الى أنه منذ بدء وقف إطلاق النار، انسحبت بعض القوات الإسرائیلیة، لکن نصف أراضی غزة لا تزال تحت الاحتلال.
وقال إن قرار وقف إطلاق النار اتخذ من قبل فصائل المقاومة وینبع من إرادة الشعب الفلسطینی. وقد أکدت الخارجیة الایرانیة فی بیان رسمی أن وقف إطلاق النار لا یجب أن یمنع ملاحقة مجرمی الحرب ومعاقبتهم.
رفض المفاوضات حول المقاومة وإدانة صفقة القرن.
وأعلن عراقجی صراحة أنه لا توجد أی مفاوضات مع امریکا بشأن المقاومة، وأن جمیع الحوارات مع الغرب کانت حصراً فی إطار البرنامج النووی. ووصف "صفقة القرن" بأنها عمل خائن للتطبیع مع کیان الاحتلال، وقال إن إیران ترفض بشدة أی تعاون مع مثل هذه الخطط.
وتابع وزیر الخارجیة الایرانی أن واشنطن لم تکن ذات سلوک مستقر فی السنوات الأخیرة، وأن المسؤولین فی المنطقة یشککون فی تنفیذ الوعود الأمیرکیة بشأن إعادة إعمار غزة ودعمها. وأکد أن المراحل اللاحقة من الاتفاق ستکون الاختبار الحقیقی لصدق امیرکا.
الموقف من المفاوضات النوویة وشروط إیران
وقال عراقجی إن إیران لم تجر أی مفاوضات تحت عنوان "اتفاق شامل" ولا تعترف بمثل هذا المفهوم. وأضاف أن الدول الأوروبیة الثلاث (ألمانیا، فرنسا، وبریطانیا) لم تلتزم بتعهداتها، وأن امیرکا، وبانسحابها من جانب واحد من الاتفاق النووی، قد دمرت مصداقیة أی مفاوضات جدیدة.
وأوضح عراقجی أن علاقات إیران تُحدد فقط على أساس السیاسة الوطنیة المستقلة.کما نفى وزیر الخارجیة الایرانی وجود اتصال هاتفی مع "ویتکوف"، وقال إن تبادل الرسائل فقط یتم عبر وسطاء.
ووصف الموقف الرسمی لإیران بأنه یقوم على المفاوضات المتساویة والمحترمة وحصریاً فی المجال النووی، مضیفاً أن مراجعة استمرار التخصیب بنسبة 60% مرهونة بإنهاء مناقشة القرارات بشکل کامل.
وتابع عراقجی أن الجانب الأمیرکی طالب بمفاوضات مباشرة مع طهران، لکن إیران جعلت هذا الطلب مشروطاً بحضور الدول الأوروبیة الثلاث والوکالة الدولیة للطاقة الذریة لکی یجری الحوار فی إطار رسمی وشفاف. ووفقاً له، رُفض هذا الشرط من قبل واشنطن، حیث أرادوا فرض "اتفاق قبل التفاوض".
وأضاف أن طهران قدّرت هذا النهج بأنه غیر منطقی وإملائی ورفضته لتظهر أن "المشکلة الرئیسیة هی استغلال الطرف الآخر ولیس موقف إیران".
الاستعداد للحوار بشروط واضحة
وأکد الوزیر عراقجی أن إیران کانت مستعدة حتى للمفاوضات المباشرة، لکنها لا تقبل أی شروط مسبقة غیر معقولة. وشدد على أن موقف إیران یقوم على "المساواة والاحترام المتبادل والحوار على أساس المصالح الوطنیة"، وأن أی سلوک خارج هذا الإطار سیؤدی إلى وقف عملیة المفاوضات.
وقال عراقجی إن سیادة وحقوق الشعب الإیرانی فی مجال التخصیب السلمی هو خط أحمر قطعی للدولة ولن تتراجع عنه أبداً. وأکد أن إیران کانت دائماً رافعة لرایة الحوار، لکنها تدرس فقط المقترحات المنطقیة والعادلة والمتوازنة.
وواصل وزیر الخارجیة الایرانی أن أی عودة إلى المفاوضات تتطلب خلق ظروف عادلة والاحترام المتبادل. وأضاف عراقجی أن إیران مستعدة لإجراء حوارات فنیة لتوضیح أنشطتها السلمیة بحتة، لکنه جعل شرط ذلک هو رفع العقوبات الجائرة واتخاذ إجراءات بناء الثقة من قبل الطرف الآخر.
تبعیة أوروبا فی المفاوضات
وأشار إلى دور الدول الأوروبیة قائلاً إن الأوروبیین لا یملکون استقلالیة فی العمل، وأن التجربة الماضیة أظهرت أن الحوار معهم لم یحقق نتائج ملموسة. وقال إن إیران ترى الحوار مفیداً فقط عندما یکون قائماً على المساواة واحترام حقوق إیران.
وأعلن عراقجی أنه لم یتم حتى الآن استلام أی طلب للمفاوضات من أی طرف. وقد، أظهرت تجربة العام الماضی أن المفاوضات مع الطرفین الامیرکی والاوروبی وصلت إلى طریق مسدود ومسارها واضح.
المفاوضات مع أمیرکا لا طائل منها
واستناداً إلى مواقف قائد الثورة، قال وزیر الخارجیة إن نتیجة الحوار مع واشنطن فی الظروف الحالیة لم تکن سوى انسداد سیاسی وعدم جدوى المفاوضات. وأضاف أن النهج الامیرکی یظهر أن هذا البلد لا یملک الإرادة لحل الخلافات ولا یقدم ضمانات لاستقرار سلوکه السیاسی.
وأکد عراقجی أن الدول الأوروبیة ترید عملیاً مفاوضات إیران مع أمریکا، ولم تقدم هی نفسها أی خطة مستقلة أو فعالة. وقال لذلک، فإن أوروبا لم تترک سبباً للحوار.
الموقف الثابت من الجزر الثلاث
وأعلن عراقجی أن موقف الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة بشأن جزر أبو موسى وطنب الکبرى وطنب الصغرى "واضح تماماً وثابت" وأن هذه الجزر تنتمی أبدیاً إلى أراضی إیران.
وحذر من أنه لیس لأی بلد الحق فی طرح ادعاءات أو شکوک حول سیادة إیران على هذه المناطق.
وقال وزیر الخارجیة أنه على الرغم من أن مواقف مجلس التعاون الخلیجی فی هذا المجال کانت واضحة مسبقاً، إلا أن انضمام بعض الدول الأوروبیة إلى ادعاء احتلال الجزر الإیرانیة هو عمل غیر مقبول وتدخلی.
وأضاف أن إیران طرحت القضیة العام الماضی مع الأوروبیین، ونتیجة لذلک، قامت بعض الدول بما فی ذلک فرنسا وألمانیا بتصحیح موقفها وشددت على التسویة الدبلوماسیة للخلافات مع الإمارات.
وصف عراقجی البیان الجدید للاتحاد الأوروبی بأنه متناقض ومذبذب، وقال إن هذا البیان تم وضعه بوضوح تحت ضغوط سیاسیة ولیس له قیمة قانونیة.
تحذیر طهران الصریح من المساس بالسیادة
وشدد على أن الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة لن تسمح بأی مساس أو تعلیق خارج إطار القانون الدولی لسیادتها، وسیؤخذ هذا الموقف فی الاعتبار فی العلاقات الدبلوماسیة المستقبلیة مع أوروبا أیضاً.
حرب الـ 12 یوماً: اختبار عملی لقدرات إیران
وقال عراقجی إن تجربة الحرب الأخیرة کشفت بوضوح أن إیران لا تسکت ولا تتراجع فی وجه أی هجوم أو تهدید خارجی. وقال إن العدو کان ینوی، من خلال عملیة مباغتة واستهدافه لکبار القادة، زعزعة استقرار البلاد، لکنه واجه رداً سریعاً ومنظماً من إیران.
ووصف وزیر الخارجیة عمل العدو فی استهداف مسکن أحد القادة العسکریین بجوار المجمعات السکنیة بأنه "عمل جبان وغیر إنسانی"، وأکد أن مثل هذا السلوک یجب أن یسمى اغتیالاً فی البیت؛ وهو إجراء یظهر الخوف والعجز واللجوء إلى أسالیب غیر قانونیة لبث الرعب.
وقال عراقجی إنه فی الساعات الأولى من الهجوم، بدأ نقل القادة وردود الفعل المیدانیة الإیرانیة، وأظهرت هذه السرعة فی التحرک أن العدو لا یملک القدرة على توجیه ضربة استراتیجیة. وشدد على أن هذه التجربة کانت درساً ثقیلاً ولا یُنسى للطرف الآخر.