جدل المرتزقة في أوكرانيا: هل يحاول زيلينسكي توريط الدول المصدرة في لعبة سياسية وقضائية؟

في ظل معركة دامية تستنزف موارد روسيا وأوكرانيا، يرفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ملف المرتزقة الأجانب إلى الصدارة، مدعياً تورط دول آسيا الوسطى وأفريقيا في النزاع. لكن الخبير علي بيكدلي يكشف الستار عن حقيقة هذه اللعبة الإعلامية والقانونية، معتبراً أن الاتهامات لا تتعدى كونها مناورة سياسية هدفها استدراج دعم دولي أكبر.
صرح الخبير في الشؤون الدولية، علي بيكدلي في مقابلة مع وكالة "إيلنا"، بأن ادعاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بوجود مرتزقة من دول آسيا الوسطى وأفريقيا في الحرب الأوكرانية، لا يُعتبر من الناحية السياسية أمرًا غير اعتيادي.
وأوضح بيكدلي أن هؤلاء المرتزقة يقاتلون مقابل أجر مادي، وغالباً ما يتحركون بدافع الرغبة في النجاة، مشيرًا إلى وجود حالات مشابهة في صراعات عديدة حول العالم. وأضاف أن حتى الولايات المتحدة في حرب فيتنام كانت تشجع المقاتلين على الانضمام إليها، مشيرًا إلى أن المشكلة الوحيدة التي تجعل بعض الدول تخفي هذه الحقيقة هي خشيتها من تشويه صورتها.
وأضاف بيكدلي أن من الناحية العملية، السياسة لا تعرف الأخلاق، والمرتزقة يقاتلون، قد يُقتل بعضهم، وقد يعود آخرون، وهذه الظاهرة ليست جديدة أو غريبة. وأوضح أن الطرفين في النزاع، روسيا وأوكرانيا، يتحملان خسائر بشرية كبيرة، مما يدفع كلاهما إلى اللجوء للمرتزقة لسد النقص في القوى البشرية.
وأشار إلى أن بعض السفارات الأوروبية في أوكرانيا ترسل قواتها للمشاركة في القتال، وأن دولًا مثل فرنسا تشهد حالات مشابهة، وأن هؤلاء المرتزقة أحيانًا يتصرفون بشكل مشابه لعصابات الجريمة المنظمة.
من ناحية القانون الدولي، أكد بيكدلي أن إرسال المرتزقة لا يعد قضية قانونية يمكن متابعتها بجدية في المحاكم الدولية، بل هو قضية سياسية وإعلامية تهدف إلى خلق حالة من التضامن العالمي مع أوكرانيا وزيادة الدعم الأمريكي والأوروبي.
وحذر من أن استمرار الحرب يضر بالدول الأوروبية، إذ رغم أن قوة روسيا قد تتراجع قليلاً، إلا أن الروس لن ينسحبوا بسهولة. وأشار إلى التاريخ حيث استطاعت روسيا حشد ملايين الجنود، بما في ذلك من آسيا الوسطى ودول البلطيق، لمقاومة نابليون، وأن البرد القارس كان عاملًا حاسمًا في انتصارها.
وأضاف أن الروس سيقاتلون حتى آخر جندي، وأن الأوروبيين يخشون تمدد الحرب إلى الناتو أو حتى أستراليا، ما قد يجبرهم على الدخول المباشر في النزاع. وأوضح أن الدعم المالي والعسكري الأوروبي لأوكرانيا يهدف إلى إضعاف "نفس بوتين"، لكن ذلك قد يكون مهمة صعبة أو غير مجدية.
وأشار إلى أن العقوبات الأمريكية على روسيا ستنتهي قريبًا، وأن المفاوضات لم تحقق نتائج ملموسة، معبراً عن القلق من احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة في عهد بوتين أو ترامب بسبب تقلباتهما وخطورتها.
واختتم بيكدلي بالتأكيد أن مناورات أوكرانيا الإعلامية حول المرتزقة تهدف إلى زيادة الضغط على الرأي العام، وأن وجود هؤلاء المرتزقة لا يعني بالضرورة موافقة حكوماتهم، فقد يسافر آلاف المواطنين مثل الباكستانيين في ألمانيا دون إذن حكومتهم للقتال. وأشار إلى أن بعض الدول، مثل كوريا الشمالية، أرسلت قوات بشكل رسمي، وهو موضوع منفصل.
وفي النهاية، استبعد إمكانية تحقيق أوكرانيا نتائج قانونية حقيقية ضد الدول التي ينتمي إليها المرتزقة، مؤكداً أن الأمم المتحدة تنظر إلى هذه القضايا بتشكك، وأن الدول المعنية قد تدعي عدم علمها، مما يجعل هذه القضية أكثر مناورة إعلامية ونفسية منها ملفاً قانونياً قابلاً للمتابعة.