خبير ايراني: قرار ترامب باستئناف التجارب النووية يعيد العالم الى منطق الحرب الباردة
قال الخبير في الشؤون الامريكية امير هوشنغ ميركوشش ان القرار الذي اصدره الرئيس الامريكي دونالد ترامب باستئناف التجارب النووية يضعف معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية NPT ويمهد لمرحلة جديدة من سباق التسليح بين القوى الكبرى.
وأضاف ميركوشش في حديث خاص لوكالة إيلنا أن التنافس بين الصين والولايات المتحدة في مجال الردع النووي أصبح أحد المحاور الرئيسية للنظام الدولي الجديد، مشيرًا إلى أن هذا الصراع قد تجاوز حدود الاقتصاد والتكنولوجيا ليصل إلى مرحلة إعادة بناء الترسانات النووية.
كما أشار إلى أن الصين تمتلك اليوم نحو 500 رأس نووي فعال وتسعى لرفع العدد إلى ألف رأس بحلول عام 2035، في حين تعمل على تطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات وأنظمة إطلاق متقدمة.
من جهة أخرى، أوضح أن واشنطن تنفذ مشروعًا واسعًا لتحديث ترسانتها النووية، يشمل استبدال الصواريخ القديمة والغواصات من طراز أوهايو والطائرات القاذفة بي-52 بنماذج أحدث. واعتبر أن قرار ترامب بإحياء التجارب النووية يأتي في هذا السياق، مؤكدًا أنه ليس مجرد خطوة عسكرية، بل رسالة سياسية تهدف إلى استعراض الإرادة والقوة.
وبيّن أن هذا القرار يهدف أولًا إلى استعادة مصداقية الردع الأمريكي أمام الحلفاء في آسيا، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، الذين بدأوا يشكون في قدرة واشنطن على حمايتهم أمام تنامي القوة الصينية.
وتابع الخبير الإيراني أن الهدف الثاني يتمثل في الضغط النفسي والدبلوماسي على بكين، إذ يوجّه القرار رسالة تحذير واضحة إلى الصين حتى وإن لم تُنفذ التجارب فعليًا. أما الهدف الثالث، فهو إعادة تشكيل النظام الدولي على أساس الردع التنافسي، إذ يسعى ترامب إلى هدم منظومة المعاهدات التي تنظم التسليح واستبدالها بنظام جديد يقوم على موازنة القوة العسكرية.
وأشار ميركوشش إلى أن الصين ردّت على الخطوة الأمريكية بلهجة حذرة ولكن حازمة، ووصفتها بأنها انتهاك صارخ للمعايير الدولية وعودة إلى تفكير الحرب الباردة. وأضاف أن الخبراء الصينيين يقترحون عدة خيارات للرد، من بينها تطوير قدرات الضربة الثانية النووية وتعزيز التعاون التكتيكي مع روسيا في إطار توازن الرعب، وتكثيف الاستثمارات في تكنولوجيا الأسلحة فائقة السرعة والفضائية.
كما لفت إلى أن القرار الأمريكي يحمل انعكاسات سياسية وأمنية واقتصادية متعددة، فهو يضعف النظام الدولي لمنع انتشار الأسلحة النووية، ويزيد من احتمال اندلاع مواجهة غير مقصودة بين القوى الكبرى، ويؤدي إلى تحويل الموارد الاقتصادية نحو الإنفاق العسكري وفتح مرحلة جديدة من سباق التسليح في القرن الحادي والعشرين.
وفي ما يتعلق بالموقف الروسي، أوضح ميركوشش أن موسكو عبّرت عن إدانة شديدة للقرار الأمريكي واعتبرته ضربة قوية للأمن الدولي، لكنها في الوقت نفسه هددت باتخاذ خطوات مماثلة إذا استأنفت واشنطن فعليًا تجاربها النووية. وأضاف أن روسيا أعادت تجهيز منشآتها التجريبية في القطب الشمالي، مما يدل على استعداد عملي للرد.
وبيّن الخبير الإيراني أن روسيا تسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة في المرحلة المقبلة: الحفاظ على تفوقها النوعي في التكنولوجيا النووية، إدارة التوازن الثلاثي بين واشنطن وبكين وموسكو، وتقديم نفسها في المحافل الدولية كقوة مسؤولة تدعو إلى الاستقرار والحوار.
وختم ميركوشش بالقول إن قرار ترامب ليس مجرد رد على الصين، بل أيضًا على التجارب الروسية الأخيرة، مؤكدًا أن العالم يتجه نحو مرحلة الردع الثلاثي بين القوى النووية الكبرى الثلاث، وهو ما سيعيد تعريف مفاهيم الأمن والسلام الدولي في القرن الحالي.