توافق نفطي بين بغداد وأربيل: خطوة إيجابية مع التزام مستقبلي وضغوط سياسية
أكد محمد صالح صدقيان من طهران رئيس المركز العربي للدراسات الايرانية، أن الاتفاق النفطي الأخير بين الحكومة المركزية في بغداد وإقليم كردستان العراق يشكل خطوة مهمة نحو تنظيم صادرات النفط وتسوية جزئية للمستحقات المالية، لكنه شدد على أن مستقبل هذا الاتفاق يرتبط بشكل أساسي بالتزام الطرفين والضغوط السياسية الداخلية والخارجية.
أوضح صدقيان في تصريح لوكالة "إيلنا" أن العلاقات بين بغداد وأربيل لطالما كانت معقدة ومتوترة، مشيراً إلى أن الدستور العراقي يحدد النفط كأصل وطني ويضع إدارة الاستخراج والتصدير تحت سلطة الحكومة المركزية عبر شركة "سومو". ومع ذلك، لم تُحل الخلافات بين بغداد وأربيل منذ تشكيل الحكومات بعد عام 2005، خصوصاً فيما يتعلق بالإيرادات والضرائب والجمارك، ولا سيما الجمارك العراقية مع تركيا التي ظلت تحت نفوذ حزب الديمقراطي الكردستاني.
وأضاف أن الاتفاق الجديد يسمح بتصدير نحو 230 ألف برميل نفط يومياً من حقول الإقليم تحت إشراف وزارة النفط العراقية ومن خلال شركة "سومو"، وهو ما يعكس قبولاً جزئياً بدور الحكومة المركزية في إدارة النفط. كما لفت إلى أن معظم الشركات العاملة في قطاع النفط بالإقليم أمريكية، ويبدو أن وساطة واشنطن ساهمت في تحقيق هذا التقدم.
وأشار صدقيان إلى أن جزءاً من حقوق الموظفين المتأخرة، الممتدة بين خمسة وستة أشهر، قد تم دفعه، معتبرًا ذلك خطوة إيجابية على صعيد الاستقرار الداخلي في الإقليم. وأوضح أن خلافات بغداد وأربيل تمتد أيضاً إلى حصص الإقليم من الميزانية الوطنية، حيث وافقت الأطراف على نسبة 12.5% بعد أن كانت بغداد تحددها بين 12 و13%، بينما طالبت أربيل بنسبة 17-21%.
وشدد على دور الولايات المتحدة في تسهيل الاتفاق، كما أن تركيا تلعب دوراً غير مباشر بسبب سيطرتها على الموانئ ومسارات تصدير النفط. لكن صدقيان حذر من أن تاريخ العشرين سنة الماضية يظهر أن كل حكومة جديدة في بغداد قد تعيد إحياء النزاعات المالية والنفطية مع أربيل، خصوصاً فيما يتعلق بجمارك الحدود مع تركيا.
وختم بالقول إن حل جزء من هذه المشكلات يؤثر مباشرة على الوضع الداخلي للإقليم، سواء من حيث دفع الرواتب وتحسين الأوضاع المعيشية، أو من الناحية السياسية قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في نوفمبر، مؤكداً أن استمرار الالتزام بالاتفاق سيكون حاسماً لمستقبل العلاقات بين بغداد وأربيل وللدور السياسي للحكومة الحالية.