إسرائيل تشعل حربا جديدة على اليمن بدعم أمريكي... و"الشرق الأوسط الجديد" يعود إلى الواجهة

في تصعيد خطير يعكس تحوّلات استراتيجية في المنطقة، شنّت إسرائيل هجوماً مباشراً على اليمن، مستهدفةً اجتماعاً حكومياً في صنعاء، في أول اعتداء من نوعه تعلن عنه تل أبيب رسمياً. هذا العدوان، الذي قوبل بصمت أمريكي وغربي مريب، يُعدّ خطوة جديدة في تنفيذ مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي لطالما سعت واشنطن وتل أبيب إلى فرضه بالقوة، لتصفية محور المقاومة وإعادة رسم خارطة النفوذ في المنطقة.
قال محمد صالح صدقيان، رئيس المركز العربي للدراسات الإيرانية، في تصريح خاص لوكالة "إيلنا"، إن الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على اليمن تُظهر بوضوح أن الكيان الصهيوني يتحرك ضمن خطة إستراتيجية كبرى تُعرف بـ"الشرق الأوسط الجديد"، وبدعم ضمني من الولايات المتحدة الأمريكية، التي تواصل التزام الصمت حيال هذه الممارسات العدوانية.
وأشار صدقيان إلى أن رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحدث مراراً بشكل صريح عن هدفين رئيسيين: الأول هو إقامة "شرق أوسط جديد" والثاني تحقيق حلم "إسرائيل الكبرى". ورغم أن نتنياهو لم ينشر خريطة رسمية لهذا المشروع، إلا أن وسائل إعلام عبرية تداولت خرائط تُظهر ما يُعرف بـ"إسرائيل الكبرى" والتي تمتد من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات في العراق، وتشمل أراضي من مصر وسوريا ولبنان والأردن وأجزاء واسعة من السعودية واليمن.
وأوضح أن هذه الأفكار التي كانت تُطرح سابقاً في الأوساط الإعلامية والسياسية بشكل غير رسمي، باتت اليوم تُعلن صراحة من قبل قادة الكيان، وبدعم أمريكي مباشر، مستشهداً بتصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي قال إن "أرض إسرائيل صغيرة ويجب أن تتوسع"، وهو ما اعتُبر ضوءاً أخضر واضحاً لتوسيع نفوذ الكيان.
وأضاف أن الهجوم الإسرائيلي الأخير على اليمن، الذي استهدف اجتماعاً حكومياً يمنيًا في صنعاء وأدى إلى استشهاد وإصابة عدد من الوزراء، يكشف تحولاً كبيراً في سلوك الكيان، إذ أعلن نتنياهو بنفسه أن هذه هي الضربة الأولى لإسرائيل ضد اليمن، محذراً من تكرار مثل هذه الهجمات مستقبلاً.
واعتبر صدقيان أن هذه السياسة تؤكد أن تعريف نتنياهو لـ"الشرق الأوسط الجديد" يتضمن تصفية ما يُعرف بمحور المقاومة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لم تكتفِ بالصمت، بل نقلت مسؤولية إدارة شؤون المنطقة عملياً إلى الكيان الإسرائيلي، خصوصاً بعد ضم تل أبيب إلى القيادة المركزية الأمريكية (سنتكام) في عام 2021، وهو ما أتاح لها تنفيذ هجمات مباشرة في المنطقة دون معارضة أمريكية تُذكر.
وتابع بالقول: إن الهجمات المتكررة على لبنان وسوريا وغزة، والآن اليمن، كلها تأتي في سياق هذا المشروع الاستراتيجي الذي صممه الكيان منذ سنوات. إلا أن السؤال المحوري يبقى حول موقف الدول العربية، لا سيما الأردن، الذي يقع بالكامل ضمن نطاق خريطة "إسرائيل الكبرى"، حيث لم نشهد أي رد فعل فعلي أو جدي منها، بل اقتصرت المواقف على بيانات شجب بروتوكولية لا تتسم بالجدية.
وفيما يتعلق برد محور المقاومة، أكد صدقيان أن رد أنصار الله في اليمن كان لافتاً ومؤثراً، حيث نفذت الجماعة عمليات نوعية بالصواريخ والطائرات المسيّرة استهدفت عمق الأراضي المحتلة، وهو ما أثار قلقاً حقيقياً داخل الكيان ودفعه إلى تشديد حملاته ضد اليمن بهدف إسكات هذا الصوت المقاوم.
وختم بالقول: رغم كل هذه التحديات، فإن مستقبل اليمن يبعث على القلق، في ظل استمرار الحرب والحصار منذ أكثر من 15 عاماً، وتصعيد العدوان الإسرائيلي مؤخراً. وإذا استمرت صمت الدول الغربية وتخاذل الدول العربية، فإن مخاوف توسع المشروع الصهيوني في المنطقة ستكون في محلها. فاليمن، برغم كل الظروف الصعبة، بات يشكل تحدياً مركزياً أمام مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي تسعى تل أبيب، وبدعم واشنطن، إلى فرضه بالقوة.