نیویورک تایمز: ماکرون مدین للشرطة وفشل باسترضاء المتظاهرین.. وفرنسا "طنجرة ضغط" انفجرت

asdasd
معرف الأخبار : ۱۳۷۳۶۳۶

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالة للصحافي هاريسون ستيتلر الذي يكتب عن السياسة والثقافة في فرنسا تحت عنوان “فرنسا تحترق” نقل فيه عن جيغوي، أحد المتظاهرين الذين خرجوا لشوارع ضاحية الطبقة العاملة في ناتري “أنا شخص ناضج وكبير ولكن والدتي تشعر بالعصبية كلما غادرت البيت” و”أعرف الخوف في صوتها عندما تتصل للتأكد أنني بخير وأن معي بطاقة الهوية أو لتقول: دير بالك على حالك”.

وفي يوم الثلاثاء تحول القلق في ناتري لمسألة حياة أو موت، فنائل، 17 عاما، والذي تعود جذوره إلى الجزائر والمغرب قتله عنصر شرطة عند إشارة مرور، مما فتح المجال أمام ثورة ضد عنف الشرطة والعنصرية. وعلى مدى الليالي الماضية اندلعت الاحتجاجات بطريقة مذهلة، فمن تولوز إلى ليل ومارسيل وباريس، قامت جماعات المحتجين بتخريب مراكز الشرطة ونهبت أو خربت عدة محال تجارية ورمى المتظاهرون القنابل الحارقة والألعاب النارية على المباني العامة وشرطة مكافحة الشغب. واعتقل الآلاف وسط هذه الاحتجاجات.

ولم تخفت التظاهرات بعد، فقد كشف مقتل نائل- والذي بدا للكثيرين بأنه بمثابة إعدام فوري، عن أكبر شكل من أشكال العنف الذي استهدفت به الشرطة المجتمعات الملونة في فرنسا. كما لعب دور المحفز للكشف عن السخط الذي يغلي في البلد ضد الرئيس إيمانويل ماكرون، وهي ضربة جديدة لسلطته، حيث واجه فرنسا وهي تحترق.

 ومع ذلك فربما انتهى مقتل نائل لخبر ثانوي، فقد صورت التغطيات الصحافية في البداية تصرف رجل الشرطة بأنه كان يدافع عن نفسه وأطلق النار على سائق سيارة غريب الأطوار كان مستعدا لدهس ضابط شرطة كي ينجو من الاعتقال. وربما وضعت الأحداث الضابط تحت حماية القانون الذي مرره سلف ماكرون، فرانسوا هولاند في عام 2017، والذي خفف من القيود على استخدام الشرطة السلاح وفي حالات يرفض فيها سائقو السيارات عدم تنفيذ الأمر والتوقف. وتمت الإشارة لهذا القانون في الحديث عن زيادة أعداد عمليات إطلاق النار القاتل في السنوات الأخيرة والتي وصلت إلى 53 حالة قتل عام 2021 من 27 حالة عام 2017.

لكن لقطات فيديو التقطت على هاتف نقال حرفت الرواية، فقد كشف الفيديو الذي انتشر بعد القتل مباشرة عن رجلي شرطة يقفان إلى جانب السيارة وأحدهما كان مصوبا على نافذة السائق ومن مسافة قريبة. ومن غير الواضح من نطق بها، ففي الفيديو سمع صوت يقول “سأضع رصاصة في رأسك” قبل بدء السيارة بالتحرك وعملية إطلاق النار، حيث أعلن عن وفاة نائل بعد ساعة. وكان رد الحكومة الأولي هو الظهور بمظهر الحريص على تجنب اندلاع عنف “معد” في الضواحي. وقال ماكرون “لا شيء يبرر مقتل شخص شاب” ووصف القتل بأنه “غير مبرر”. وبالنسبة لرئيسة الوزراء إليزابيث بورن فتصرف عنصر الشرطة لم يلتزم بقواعد الاشتباك.

لكن الرئيس لم يكن قادرا على المضي أبعد من إظهار الحساسية الحذرة، فمن النادر ما تنتهز الحكومة الفرصة وتتعامل بجدية مع مشكلة عنف الشرطة. ويميل ماكرون لنسبة القتل على يد الشرطة بأنه نتاج خطأ مؤسف ارتكبه عامل في نظام الخدمة.

ففي كانون الأول/ديسمبر 2020 قدم ماكرون تنازلا واعترافا واضحا هو أن “شخصا ببشرة داكنة وليس أبيض سيكون أكثر عرضة للتفتيش” على يد الشرطة، ولكن اتحاد الشرطة القوي وبخ الرئيس ورفض أعضاؤه مواصلة التفتيش على الهويات ووقف الحافلات عند إشارات المرور. وجزء من المشكلة هو علاقة ماكرون بالشرطة، فمنذ وصوله إلى السلطة عام 2017، اعتمد عليها وأكد على دورها المركزي في الحياة السياسية الفرنسية.

وواجه ماكرون الاحتجاجات المتعددة ضد إصلاحاته الاجتماعية، وآخرها الاحتجاجات ضد قانون التقاعد من خلال نشر قوى الشرطة. وفي أثناء فترات الوباء السيئة كانت الشرطة في الخط الأول لتنفيذ قيود ماكرون المتشددة ومراقبة التزام السكان بالإغلاق. والآن وقد أصبحت الشرطة في مركز الجدل الوطني، فمن غير المستغرب أن ماكرون لا يستطيع عمل شيء.

ثم هناك الضغوط من اليمين، فقد استخدم عدد من رموزه فكرة “الدفاع عن النفس” وطالبوا الحكومة باستخدام القوة المفرطة لقمع الاحتجاجات. ففي الصحيفة المحافظة لوفيغارو كان استطلاع يوم الخميس “هل حان الوقت لفرض الأحكام العرفية؟” وخلف السؤال تحوم سنة 2005 عندما استخدمت الحكومة قوانين الطوارئ لمواجهة تداعيات مقتل شخصين من أصول أفريقية أثناء ملاحقة الشرطة لهما.

وربما حصل اليمين على ما يريد، فقد فشلت جهود ماكرون لتحقيق “الاسترضاء” الاجتماعي، ذلك أن المتشددين في تحالفه مثل وزير الداخلية، جيرارلد درامانين، قد يشعرون بالقوة. واقترح ماكرون أمرا كهذا عندما شجب في اجتماع وزاري يوم الخميس المتظاهرين واستهدافهم مؤسسات الدولة. وهو محق بدرجة ما، فالمتظاهرون هم ضد مؤسسات الدولة، وواحدة بالتحديد. فمقتل نائل مرزوق يمثل المثال الأكثر تطرفا للعنف المتجسد في داخل الشرطة ضد المهاجرين من أصول أفريقية، وبشكل عام من مجتمع لا يريدهم ويتمنى لو اختفوا، لكنهم لن يختفوا أو يذهبوا إلى أي مكان.

ويقول جيغوي “نحن مجهدون وأدمنا على سماع هذه القصص” و”لسنوات طويلة تعيش فرنسا مثل طنجرة الضغط”، ولكنها انفجرت في هذا الأسبوع.

 

endNewsMessage1
تعليقات